الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **
<تنبيه> قال البارزي في الخصائص: من خواصه أنه ليس في القرآن ولا غيره صلاة من اللّه على غيره فهي خصيصة اختصه اللّه بها دون سائر الأنبياء. قال الحليمي: والمقصود بالصلاة عليه التقرب إلى اللّه بامتثال أمره وقضاء حق الواسطة الكريمة، وقال ابن عبد السلام: ليست صلاتنا عليه شفاعة له فإن مثلنا لا يشفع له لكن اللّه أمرنا بمكافأة من أحسن إلينا، وفائدة الصلاة ترجع إلى المصلى عليه. قال ابن حجر: ويتأكد الصلاة عليه في مواضع ورد فيها أخبار صحيحة خاصة أكثرها بأسانيد جياد عقب إجابة المؤذن وأول الدعاء وأوسطه وآخره وفي أوّله آكد وفي آخر القنوت وفي أثناء تكبيرات العيد وعند دخول المسجد والخروج منه وعند الاجتماع والتفرق وعند السفر والقدوم منه والقيام لصلاة الليل وختم القرآن وعند الهم والدرب والتوبة وقراءة الحديث وتبليغ العلم والذكر ونسيان الشيء وورد أيضاً في أحاديث ضعيفة عند استلام الحجر وطنين الأذن والتلبية وعقب الوضوء وعند الذبح والعطاس، وورد المنع منها عندهما أيضاً. - (ش وابن مردويه) في تفسيره (عن أبي هريرة) ظاهره أنه لم يره مخرجاً لأعلى ولا أحق بالعزو إليه من ابن مردويه وهو عجيب فقد خرجه الإمام أحمد [ص 204] وأخرجه أيضاً أبو الشيخ [ابن حبان] وابن أبي عاصم والحرث وفي سنده ضعف لكنه يقوى بتعدد طرقه فربما صار حسناً لذلك. 5032 - (صلوا عليّ صلى اللّه عليكم) قال حجة الإسلام: وجه استدعائه في هذا الخبر وما قبله الصلاة عليه من أمته أن الأدعية مؤثرة في استدرار فضل اللّه ورحمته سيما في الجمع الكبير كالجمعة والجماعة وعرفة فإن الهمم إذا اجتمعت وانصرفت إلى طلب ما في الإمكان وجوده فاض ما في الإمكان من الفيض الحق بوسائطه إلى روحانيات المترشحين لتدبير العالم السفلي المقتضي لبعدهم ولأنه يرتاح لذلك كما قال إني أباهي بكم الأمم ولأن ذلك شفقة على أمته بتحريضهم على ما هو قربة لهم. - (عد عن ابن عمر) بن الخطاب (وأبي هريرة) معاً وأخرجه النميري أيضاً. 5033 - (صلوا عليّ) وجوباً في صلاتكم بعد التشهد بأن تقولوا اللّهم صلي على محمد (واجتهدوا في الدعاء) بما جاز من خيري الدنيا والآخرة (وقولوا) إن أردتم الأكمل (اللّهم صلي على محمد وعلى آل محمد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد) حامد لأفعال خلقه بإثابتهم عليها أو محمود بأقوالهم وأفعالهم (مجيد) أي ماجد وهو الكامل شرفاً وكرماً. - (حم ن وابن سعد) في الطبقات (وسمويه والبغوي والباوردي وابن قانع) الثلاثة في معجم الصحابة وكذا أبو نعيم وابن منده وابن عبد البر وعبد اللّه بن أحمد (طب) كلهم (عن زيد بن خارجة) الأنصاري الخزرجي الحارثي قال ابن الأثير: وزيد هذا هو الذي تكلم بعد الموت على الصحيح فتكلم بكلام حفظ في أبي بكر وعمر ثم مات ثانياً رمز المصنف لصحته وليس كما قال ففيه عيسى بن يونس قال في اللسان كأصله: قال الدارقطني: مجهول وعثمان بن حكيم قال الذهبي في الذيل: قال ابن معين: مجهول وخالد بن سلمة قال في الضعفاء: مرجيء يبغض علياً. 5034 - (صلوا على أنبياء اللّه ورسله) من عطف الأخص على الأعم وفيه تصريح بالأمر بالصلاة عليهم وقوله (فإن اللّه بعثهم كما بعثني) وارد مورد التعليل لما قبله وحكمة مشروعية الصلاة عليهم أنهم لما بذلوا أعراضهم فيه لأعدائه فنالوا منهم وسبوهم أعاضهم اللّه الصلاة عليهم وجعل لهم أطيب الثناء في السماء والأرض وأخلصهم بخالصة ذكرى الدار فالصلاة عليهم مندوبة لا واجبة بخلاف الصلاة على نبينا إذ لم ينقل أن الأمم السابقة كان يجب عليهم الصلاة على أنبيائهم كذا بحثه القسطلاني. <تنبيه> قال في الروض: وأصل الصلاة انحناء وانعطاف من الصلوين وهما عرقان في الظهر ثم قالوا صلوا عليه أي انحنوا له رحمة له ثم سموا الرحمة حنوّا وصلاة إذا أرادوا المبالغة فيها فقولكم صلى اللّه عليه أرق وأبلغ من رحمة في الحنوِّ والعطف، والصلاة أصلها في المحسوسات ثم عبر بها عن هذا المعنى مبالغة ومنه قيل صليت على الميت أي دعوت له دعاء من يحنو عليه ويعطف إليه ولذلك لا تكون الصلاة بمعنى الدعاء على الإطلاق، لا تقول صليت على العدوّ: أي دعوت عليه، إنما يقال صليت عليه في الحنو والرحمة لأنها في الأصل انعطاف فمن أجل ذلك عديت في اللفظ بعلى فتقول صليت عليه أي حنوت عليه ولا تقول في الدعاء إلا دعوت له فتعدى الفعل باللام إلا أن تريد الشر والدعاء على العدو فهذا فرق ما بين الصلاة والدعاء وأهل اللغة أطلقوا ولا بد من التقييد. - (ابن أبي عمر هب عن أبي هريرة) قال ابن حجر: وسنده واه (خط) في ترجمة الحسن التميمي المؤدب (عن أنس) وفيه عنده علي بن أحمد البصري قال الذهبي في الضعفاء: لا يعرف حديثه كذاب. [ص 205] 5035 - (صلوا على النبيين) والمرسلين (إذا ذكرتموني فإنهم قد بعثوا كما بعثت) ولولاهم لهلكت بواطن الخلق بزلازل الشكوك وعذاب الحيرة فبهم ثبت اليقين واستراحت البواطن والقلوب عما حل بقلب كل مبعود محجوب وفيه وفيما قبله مشروعية الصلاة على الأنبياء استقلالاً وألحق بهم الملائكة لمشاركتهم لهم في العصمة قال ابن حجر: وقد ثبت عن ابن عباس اختصاص ذلك بالنبي صلى اللّه عليه وسلم أخرجه ابن أبي شيبة عنه قال: ما أعلم الصلاة تنبغي على أحد من أحد إلا النبي صلى اللّه تعالى عليه وعلى آله وسلم قال ـ أعني ابن حجر ـ: وهذا سند صحيح وحكى القول به عن مالك، وجدت بخط بعض شيوخ مذهب مالك لا يجوز أن يصلى إلا على محمد وهذا غير معروف عند مالك أما الصلاة على المؤمنين استقلالاً فقالت طائفة: لا يجوز وقالت طائفة: يكره وهي رواية عن أحمد وقال النووي: خلاف الأولى. - (الشاشي وابن عساكر) في تاريخه (عن وائل بن حجر) بضم المهملة وسكون الجيم بن سعد بن مسروق الحضرمي صحابي جليل ورواه أيضاً إسماعيل القاضي وفيه عبد الملك الرفاشي قال في الكاشف: صدوق يخطئ وموسى بن عبيد ضعفوه ومحمد بن ثابت يجهل ورواه الطبراني عن ابن عباس رفعه بلفظ إذا صليتم عليّ فصلوا على أنبياء اللّه فإن اللّه بعثهم كما بعثني قال ابن حجر: وسنده ضعيف. 5036 - (صلِّي) بالكسر يا عائشة (في الحجر) بكسر الحاء وسكون الجيم (إن أردت دخول البيت) أي الكعبة (فإنما هو قطعة من البيت ولكن قومك استقصروه حين بنوا الكعبة فأخرجوه من البيت) لقلة النفقة فمن لم يتيسر له دخول البيت فليصل فيه فإنه منه والحجر ما بين الركنين الشاميين عليه جدار قصير بينه وبين كل من الركنين فسحة كانت زربية لغنم إسماعيل صلوات اللّه على نبينا وعليه. وروي أنه دفن فيه كما سيأتي ويسمى الحطيم على ما ذكره جمع لكن الأشهر أن الحطيم ما بين الحجر الأسود ومقام إبراهيم وهو أفضل محل بالمسجد بعد الكعبة وحجرها. - (حم ت عن عائشة) قالت: كنت أحب أن أدخل البيت فأصلي فيه فأخذ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بيدي فأدخلني الحجر فذكره، قال الترمذي: حسن صحيح ومن رمز المصنف لصحته. 5037 - (صم) يا أسامة (شوالاً) فإن صوم الأشهر الحرم التي تداوم عليها كثيراً مشق عليك فلم يزل يصوم شوالاً حتى مات قال ابن رجب: هذا نص في تفضيل شوال على الأشهر الحرم وذلك لأنه يلي رمضان من بعده كما يليه شعبان من قبله وشعبان أفضل من الأشهر الحرم لصوم النبي صلى اللّه عليه وسلم له دون شوال فإذا كان صوم شوال أفضل من الحرم فصوم شعبان أولى فظهر أن أفضل التطوع ما كان بقرب رمضان قبله وبعده وذلك ملحق بصوم رمضان ومنزلته منه منزلة الرواتب من الفرائض. - (ه عن أسامة) بن زيد رمز المصنف لصحته. 5038 - (صم رمضان والذي يليه) أي شوالاً ما عدا يوم الفطر (وكل) يوم (أربعاء وخميس) من كل جمعة (فإذا أنت قد صمت الدهر) قال الطيبي: الفاء جواب شرط محذوف أي إنك لو فعلت ما قلت لك فأنت قد صمت الدهر وإذا [ص 206] جواب جيء تأكيداً للربط وقال الحافظ العراقي: فيه كراهة صيام الدهر أو أنه خلاف الأولى وفيه استحباب صيام شوال وفيه إطلاق اسم الكل والمراد البعض لامتناع صوم يوم الفطر واستحباب صوم الأربعاء والخميس واستحباب المداومة على ذلك من قوله وكل أربعاء وفيه تضعيف الأعمال من قوله فإذا أنت قد صمت الدهر قال: وقد وقع في روايتنا من سنن أبي داود في هذا الحديث فإذاً أنت بالتنوين وفيه إثبات الضدين باعتبار حالين لأنه أثبت له الصيام والفطر في الأيام التي أفطرها وهذا مثل ماروي عن أبي هريرة أنه دعي إلى الطعام فقال للرسول عليه الصلاة والسلام: إني صائم ثم جاء فأكل فقيل له في ذلك فقال: إني صمت ثلاثة أيام من الشهر فإني صائم في فضل اللّه مفطر في ضيافة اللّه فأثبت له الوصفين أحدهما باعتبار الأجر والآخر باعتبار مباشرة الفطر. - (هب عن مسلم) بن عبيد اللّه (القرشي) ويقال عبيد اللّه بن مسلم قال: سئلت أو سئل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن صيام الدهر فذكره رمز المصنف لصحته وظاهر تصرفه أنه لم يخرجه أحد من الستة وإلا لما عدل عنه وإنه لشيء عجاب فقد رواه أبو داود والنسائي والترمذي باللفظ المزبور كلهم في الصوم من حديث مسلم المذكور وقال: غريب ولم يضعفه أبو داود. 5039 - (صمت الصائم) أي سكوته عن النطق (تسبيح) أي يثاب عليه كما يثاب على التسبيح (ونومه عبادة) مأجور عليها (ودعاؤه مستجاب) أي عند الفطر (وعمله) من صلاة وصدقة وغيرهما (مضاعف) أي يكون له مثل ثواب ذلك العمل من الفطر مرتين أو أكثر - (أبو زكريا بن منده في أماليه فر عن ابن عمر) بن الخطاب رفعه وفيه شيبان بن فروخ قال أبو حاتم: يرى القدر اضطر إليه الناس بآخره والربيع بن بدر وهو ساقط قال الذهبي: قال الدارقطني وغيره: متروك وقال ابن حجر في الفتح: في إسناده الربيع بن بدر وهو ساقط. 5040 - (صنائع المعروف تقي مصارع السوء والآفات والهلكات وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة) هذا تنويه عظيم بفضل المعروف وأهله. قال علي كرم اللّه وجهه: لا يزهدك في المعروف كفر من كفر فقد يشكره الشاكر أضعاف جحود الكافر قال الماوردي: فينبغي لمن قدر على ابتداء المعروف أن يعجله حذراً من قوته ويبادر به خيفة عجزه ويعتقد أنه من فرص زمانه وغنائم إمكانه ولا يمهله ثقة بالقدرة عليه فكم من واثق بقدرة فاتت فأعقبت ندماً ومعول على مكنة زالت فأورثت خجلاً ولو فطن لنوائب دهره وتحفظ من عواقب فكره لكانت مغارمه مدحورة ومغانمه محبورة وقيل: من أضاع الفرصة عن وقتها فليكن على ثقة من فوتها. - (ك عن أنس) ثم قال الحاكم: هذا الحديث لم أكتبه إلا عن الصفار محمد وابنه من المصريين لم نعرفهما بجرح وآخر الحديث روى عن المنكدر عن أبيه عن جابر اهـ. قال الذهبي: وبهذا ونحوه انحطت رتبة هذا المصنف المسمى بالصحيح. 5041 - (صنائع المعروف تقي مصارع السوء والصدقة خفياً) في رواية وصدقة السر (تطفئ غضب الرب) والسر ما لم يطلع [ص 207] عليه إلا الحق تعالى وذلك لأن إسراره دليل على إخلاصه لمشاهدة ربه وهي درجة الإحسان وفي القرآن - (طس عن أم سلمة) قال الهيثمي: فيه عبد اللّه بن الوليد ضعيف. 5042 - (صنفان) أي نوعان (من أمتي) أمة الإجابة، ولفظ رواية ابن ماجه من هذه الأمة (ليس لهما في الإسلام نصيب) أي حظ كامل أو وافر (المرجئة) [ قال في النهاية: المرجئة فرقة من فرق الإسلام يعتقدون أنه لا يضر مع الإيمان معصية كما أنه لا ينفع مع الكفر طاعة سموا مرجئة لاعتقادهم أن اللّه تعالى أرجأ تعذيبهم على المعاصي أي أخره عنهم، والمرجئة تهمز ولا تهمز وكلاهما بمعنى التأخير.] بالهمز وبدونه وهم الجبرية القائلون بأن العبد لا يضره ذنب وأنه لا فعل له البتة وإضافة الفعل إليه بمنزلة إضافته إلى الجماد (والقدرية) بالتحريك المنكرون للقدر القائلون بأن أفعال العباد مخلوقة بقدرهم ودواعيهم لا يتعلق بها بخصوصها قدرة اللّه. قال ابن العربي: عقب الحديث وهذا صحيح لأن القدرية أبطلت الشريعة. وقال النوربشتي: سميت المجبرة مرجئة لأنهم يؤخرون أمر اللّه ويرتكبون الكبائر ذاهبين إلى الإفراط كما ذهبت القدرية إلى التفريط، وكلا الفريقين على شفا جرف هار، والقدرية إنما نسبوا إلى القدر وهو ما يقدره اللّه بزعمهم أن كل عبد خالق فعله من كفر ومعصية ونفوا أن ذلك بتقديره اللّه، وربما تمسك بهذا الحديث ونحوه من يكفر الفريقين. قال: والصواب عدم تكفير أهل الأهواء المتأولين لأنهم لم يقصدوا اختيار الكفر بل بذلوا وسعهم في إصابة الحق فلم يحصل لهم غير ما زعموه، فهم كالمجتهد المخطئ هذا الذي عليه محققو علماء الأمة، فيجري قوله لا نصيب لهم مجرى الاتساع في بيان سوء حظهم وقلة نصيبهم من الإسلام كقولك البخيل ليس له من ماله نصيب أو يحمل على من أتاه من البيان ما ينقطع العذر دونه فأفضت به العصبية إلى تكذيب ما ورد فيه من النصوص أو على تكفير من خالفه فمن كفرنا كفرناه. - (تخ ت ه عن ابن عباس) قال الترمذي: غريب قال الذهبي: هو من حديث ابن نزار عن ابن حبان عن عكرمة عن ابن عباس ونزار تكلم فيه ابن حبان وابنه ضعيف [ص 208] وقد تابعه غيره من الضعفاء (ه عن جابر) بن عبد اللّه لكن بلفظ أهل الإرجاء وأهل القدر وفيه نزار المذكور (خط) في ترجمة محمد بن الصباح (عن ابن عمر) بن الخطاب (طس عن أبي سعيد) رمز المصنف لحسنه وقضية صنيع المصنف أن الخطيب خرجه وسكت عليه وليس كذلك فإنه عقبه بما نصه: هذا حديث منكر من هذا الوجه جداً كالموضوع وإنما يرويه علي بن نزار شيخ ضعيف واهي الحديث عن ابن عباس إلى هنا كلامه. وقال غيره: فيه إبراهيم بن زيد الأسلمي قال في اللسان عن الدارقطني: متروك الحديث وعن ابن حبان منكر الحديث جداً يروى عن مالك لا أصل له وقال أبو نعيم: يحدث عن مالك وابن لهيعة بالموضوعات اهـ قال العلائي: والحق أنه ضعيف لا موضوع.
5043 - (صنفان) أي نوعان (من أمتي لا) وفي رواية لن (تنالهما شفاعتي إمام) أي سلطان (ظلوم) أي كثير الظلم للرعية (غشوم) أي جاف غليظ قاسي القلب ذو عنف وشدة (وكل غال) في الدين (مارق) منه زاد مخرجه الطبراني في رواية تشهد عليهم وتتبرأ منهم وأخذ الذهبي من هذا الوعيد أن الظلم والغلو من الكبائر فعدهما منها. - (طب عن أبي هريرة) قال الهيثمي: رواه الطبراني في الكبير والأوسط ورجال الكبير ثقات ورواه عنه الديلمي أيضاً قال: وفي الباب معقل بن يسار. 5044 - (صنفان من أمتي لا تنالهم شفاعتي يوم القيامة المرجئة) بالهمز دونه: القائلون بالجبر الصرف المنكرون للتكليف من الإرجاء وهو التأخير سموا به لأنهم أخروا أمر اللّه ولم يعتبروه وقيل: هم الذين يقولون الإيمان قول بلا عمل فيؤخرون العمل عن القول قال الطيبي: وهذا غلط منهم لأنا وجدنا أكثر أهل الملل والنحل ذكروا أن المرجئة هم الجبرية القائلون إن إضافة الفعل إلى العبد كإضافته إلى الجماد فالجبرية خلاف القدرية وبعض القدرية ألحقوا هذا النبز بالسلف ظلماً وعدواناً وسميت المرجئة مجبرة لأنهم يؤخرون أمر اللّه ويرتكبون الكبائر وهم يذهبون في ذلك إلى الإفراط كما تذهب القدرية إلى التفريط وكلاهما على شفا جرف هار ولهذا قال (والقدرية) نسبوا إلى القدر لأن بدعتهم نشأت من القول بالقدر وزاد الجوزقاني في روايته قيل فمن المرجئة قال قوم يكونون في آخر الزمان إذا سئلوا عن الإيمان يقولون نحن مؤمنون إن شاء اللّه تعالى وهؤلاء الضلال يزعمون أن القدرية هم الذين يثبتون القدر والجواب أنا لم نثبت هذا من طريق القياس حتى تقابلونا بدعواكم هذه بل أخذناه من نصوص صحيحة كقوله - (حل عن أنس) بن مالك (طس عن وائلة) بن الأسقع قال الهيثمي: وفيه محمد بن محصن متروك (وعن جابر) بن عبد اللّه قال الهيثمي: وفيه يحيى بن كثير السقاء وهو متروك وأورده ابن الجوزي في الموضوعات. 5045 - (صنفان من أهل النار) أي نار جهنم (لم أرهما) أي لم يوجدا في عصري لطهارة ذلك العصر بل حدثا (بعد) بالبناء على الضم أي حدثا بعد ذلك العصر (قوم) أي أحدهما قوم (معهم) أي في أيديهم (سياط) جمع سوط (كأذناب البقر) تسمى في ديار العرب بالمقارع جمع مقرعة وهي جلد طرفها مشدود عرضها كالأصبع (يضربون بها الناس) ممن اتهم بنحو سرقة ليصدق في إخباره بما سرق ويتضمن ذلك أن ذينك الصنفين سيوجدان وكذلك كان فإنه [ص 209] خلف بعد الصدر الأول قوم يلازمون السياط التي لا يجوز الضرب بها في الحدود قصداً لتعذيب الناس وهم أعوان والي الشرطة المعروفون بالجلادين فإذا أمروا بالضرب تعدوا المشروع في الصفة والمقدار وربما أفضى بهم الهوى وما جبلوا عليه من المظالم إلى إهلاك المضروب أو تعظيم عذابه وقد ضاهى أعوان الوالي جماعة من الناس سيما في شأن الأرقاء وربما فعل ذلك في عصرنا بعض من ينسب إلى العلم. قال القرطبي: وبالجملة هم سخط اللّه عاقب اللّه بهم شرار خلقه غالباً نعوذ باللّه من سخطه وقيل: المراد بهم في الخبر الطوافون على أبواب الظلمة ومعهم المقارع يطردون بها الناس (ونساء) أي وثانيهما نساء (كاسيات) في الحقيقة (عاريات) في المعنى لأنهن يلبسن ثياباً رقاقاً يصف البشرة أو كاسيات من لباس الزينة عاريات من لباس التقوى أو كاسيات من نعم اللّه عاريات من شكرها أو كاسيات من الثياب عاريات من فعل الخير أو يسترن بعض بدنهن ويكشفن بعضه إظهاراً للجمال [ولا يمنع قصد جميع المعاني هنا وفيما بعده، حيث يناسب ذلك قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث 1166 وغيره: أعطيت جوامع الكلم، واختصر لي الكلام اختصارا. دار الحديث] ولا بعد كما قال القرطبي في إرادة القدر المشترك بينها إذ كل منها عرف وإنما يختلفان بالإضافة (مائلات) بالهمز من الميل أي زائغات عن الطاعة [أو مائلات حقيقة، من التمايل، كما هو الحال في عصرنا. دار الحديث] وقول بعضهم الرواية مائلات بمثلثة أي منتصبات خطأ فيه القرطبي كابن دحية (مميلات) يعلمن غيرهن الدخول في مثل فعلهن أو مائلات متبخترات في مشيتهن مميلات أكتافهن وأكفالهن أو مائلات يتمشطن المشطة الميلاء مشطة البغايا مميلات يرغبن غيرهن في تلك المشطة ويفعلنها بهن أو مائلات للرجال مميلات قلوبهم إلى الفساد بهم بما يبدين من زينتهن وما ذكر هنا من تقديم مائلات هو ما في كثير من الروايات لكن في مسلم تقديم مميلات قال القرطبي: كذا جاء في الروايات وحق مائلات أن يتقدم لأن ميلهن في أنفسهن متقدم الوجود على إمالتهن وصح ذلك لأن الصفات المجتمعة لا يلزم ترتبها ألا ترى أنها تعطف بالواو وهي جامعة لا مرتبة (رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة) أي يُعَظِّمْنَ رؤوسهن بالخُمُرِ والعمائم [أو بأزياء الشعر التي ظهرت في قرننا. دار الحديث] التي يلففنها على رؤوسهن حتى تشبه أسنمة الإبل [أسنمة الإبل: أي القمم على ظهورها. وهذا حكمه حكم التجمل العادي، فالمقصود هنا اللاتي يبدين ذلك لمن لا يحل له رؤيته، أما إذا لم يرتكب من تجمل المرأة محظور فهو مباح أو سنة، بحسب الظروف. دار الحديث] (لا يدخلن الجنة) مع الفائزين السابقين أو مطلقاً إن استحللن ذلك وذا من معجزاته فقد كان ذلك سيما في نساء علماء زماننا فإنهن لم يزلن في ازدياد من تعظيم رؤوسهن حتى صارت كالعمائم وكلما فعلن ذلك تأسى بهن نساء البلد فيزدن نساء العلماء لئلا يساووهن فخراً وكبراً (ولا يجدن ريحها) أي الجنة (وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا) كناية عن خمس مئة عام أي يوجد من مسيرة خمس مئة عام كما جاء مفسراً في رواية أخرى. - (حم م) في صفة الجنة (عن أبي هريرة) ولم يخرجه البخاري.
5046 - (صنفان من أمتي لا يردان على الحوض ولا يدخلان الجنة: القدرية والمرجئة) قد علمت تأويله فيما تقرر فيما قبله. - (طس عن أنس) قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح غير موسى بن هارون القروي وهو ثقة. 5047 - (صنفان من الناس إذا صلحا صلح الناس وإذا فسدا فسد الناس العلماء والأمراء) فبصلاحهما صلاح الناس وبفسادهما فساد الناس فالعالم يقتدي الناس به في أفعاله وأقواله إن خيراً فخير وإن شراً فشر والأمير يحمل الناس على ما يصلحهم أو يفسدهم ولا يمكن مخالفته. - (حل) وكذا الديلمي (عن ابن عباس) ورواه عنه أيضاً ابن عبد البر. قال الحافظ العراقي: وسنده ضعيف. [ص 210] 5048 - (صوت أبي طلحة) زيد بن سهل الأسود الأنصاري الخزرجي البخاري العقبي البدري (في الجيش خير من ألف رجل) إنما قال في الجيش ليشعر بأن غلظة الصوت في غير المعارك غير محمود لقوله سبحانه - (سمويه عن أنس) رمز المصنف لحسنه ورواه عنه أيضاً الديلمي وابن منيع وغيرهما. 5049 - (صوت الديك وضربه بجناحيه ركوعه وسجوده) أي أن ذلك بمنزلة الصلاة في حقه، وتمامه ثم تلي أي رسول اللّه صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم - (أبو الشيخ [ابن حبان]) ابن حبان (في كتاب العظمة عن أبي هريرة، ابن مردويه) في التفسير (عن عائشة) رواه عنها أيضاً أبو نعيم والديلمي. 5050 - (صوتان ملعونان في الدنيا والآخرة مزمار عند نعمة) هو الآلة التي يرمز بها بكسر الميم قال الشارح: والمراد هنا الغناء لا القصبة التي يرمز بها كما دل عليه كلام كثير من الشراح (ورنة) أي صيحة (عند مصيبة) قال القشيري: مفهوم الخطاب يقتضي إباحة غير هذا في غير هذه الأحوال وإلا لبطل التخصيص انتهى وعاكسه القرطبي كابن تيمية فقالا: بل فيه دلالة على تحريم الغناء فإن المزمار هو نفس صوت الإنسان يسمى مزماراً كما في قوله لقد أوتيت مزماراً من مزامير آل داود انتهى وأقول: هذا التقرير كله بناء على أن قوله نغمة بغين معجمة وهو مسلم إن ساعدته الرواية فإن لم يرد في تعيينه رواية فالظاهر أنه بعين مهملة وهو الملائم للسياق بدليل قرنه بالمصيبة. - (البزار) في مسنده (والضياء) في المختارة (عن أنس) قال المنذري: رواته ثقات وقال الهيثمي: رجاله ثقات. 5051 - (صوم أول يوم من رجب كفارة ثلاث سنين والثاني كفارة سنتين والثالث كفارة سنة ثم كل يوم شهراً) أي صوم كل يوم من أيامه الباقية بعد الثلاث يكفر شهراً.
|